هذه لك .. يا أبي
عاقب أبٌ
ابنته ذات الثلاثة أعوام لأنها اتلفت لفافة من ورق التغليف الذهبية، فقد كان المال
شحيحاً واستشاط غضباً حين رأى الطفلة تحاول أن تزين إحدى العلب بهذه اللفافة لتكون
على شكل هدية، و على الرغم من غضبه عليها إلا أنها أحضرت الهديةَ لأبيها بينما هو
جالس يشرب قهوة الصباح، وقالت له: "هذه لك يا أبي".
أصابه الخجل
من ردة فعله السابقة، ولكنه استشاط غضباً ثانية عندما فتح العلبة واكتشف أن العلبة
فارغة، فصرخ في وجهها مرة أخرى قائلاً: "ألا تعلمين أنه حينما تهدين شخصا
هدية يفترض أن يكون بداخلها شيء ما .." ثم ما كان منه إلا أن رمى بالعلبة في
سلة المهملات ودفن وجهه بيديه في حزن.
عندها نظرت
البنت الصغيرة إليه وعيناها تدمعان وقالت: "يا أبي.. إنها ليست فارغة .. لقد
وضعت الكثير من القُبَل
بداخل
العلبة. وكانت كل القُبَل لك يا أبي".
تحطم قلب
الأب عند سماع ذلك، وراح يلف ذراعيه حول فتاته الصغيرة، ويتوسل لها أن تسامحه،
فضمته إليها وغطت وجهه بالقبل.
ثم أخذ
العلبة بلطف من بين النفايات.. وراحا يصلحان ما تلف من ورق الغلاف المذهب .. وبدأ
الأب يتظاهر بأخذ بعض القبلات من العلبة .. وكانت ابنته تضحك وتصفق وهي في
قمة الفرح.
استمتع
كلاهما بالكثير من اللهو ذلك اليوم. وأخذ الأب عهداً على نفسه أن يبذل المزيد من
الجهد للحفاظ على علاقة جيدة بابنته .. وقد فعل .. وازداد الأب وابنته قرباً من
بعضهما مع مرور الأعوام.
وقد قيل أن
ذلك الأب، قد حفظ تلك العلبة الذهبية كل تلك السنوات وما زال يضع العلبة على طاولة
قرب سريره.. وكان كلما يشعر بالإحباط يأخذ من تلك العلبة قبلة خيالية .. ويتذكر
ذلك الحب غير المشروط من ابنته.
تعليقات
إرسال تعليق